تغطية إخبارية، تقرير

دهاء السيسي: وثائق تثبت تخطيط الرئيس لإفلاس صندوق النقد الدولي بالاقتراض منه إلى أن يحلّ صندوق تحيا مصر مكانه

مايكل أبو العاص - بيغاسوس الحدود لجمع بيانات تثبت عظمة فخامة الرئيس نور عينينا عبد الفتاح السيسي

Loading...
صورة دهاء السيسي: وثائق تثبت تخطيط الرئيس لإفلاس صندوق النقد الدولي بالاقتراض منه إلى أن يحلّ صندوق تحيا مصر مكانه

قبيل بداية العام الحالي ببضعة أيام، وتحديداً ظهر الأربعاء، أو عصر الخميس لا أذكر تماماً، أعتقد الإثنين ليلاً، وجّهت الحكومة المصرية ضربة معلّم جديدة إلى صندوق النقد الدولي، حيث وافقت على كافة شروطه التعجيزية الجديدة، لإرغامه على إعطائها قرضاً جديداً بقيمة ثلاثة مليارات دولار ونيّف، وذلك ضمن مخططاتها السرية بعيدة المدى الهادفة إلى وضع حدٍ لجشع هذه المؤسسة عبر إفلاسها وإخضاعها للشعب المصري العظيم.

ومع ذلك يبدو أنّ تألّق أم الدنيا بين الدول المقترضة، منذ بدئها الاقتراض عام ٢٠١٦ وحتى انتزاعها مرتبة ثاني أكبر مقترض من الصندوق، جعل الأخير يتشكك ويرتاب، ما دفعه للمناورة وتأجيل دفعة القرض إلى الربع الأخير من العام الجاري بحجة إجراء مراجعات لمدى التزام الدولة بتنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية، قبل أن يرضخ الصندوق ويدفع بالتي هي أحسن وهو صاغر؛ ففي بداية آذار/مارس أعلن حاجب السيد الرئيس وكبير الحاشية رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، حصول مصر على قرض بقيمة ٨ مليارات دولار بعدما وقف ممثلون عن الصندوق مشدوهين فوق صندوقهم أمام البريزنتيشن المزخرف والمزوّد بمحتوى مالتيميديا عن القدرات الخاصة التي يتمتع بها فخامة السيسي في تحويل التحديات الاقتصادية إلى اقتصاد تحديات، ونجاحه في الغوص بالجنيه ثم تعويمه وتجفيفه ونشره أمام الدولار..

لكنّ الوثائق التي عثرتُ عليها أسفل كنبة الضيوف في قصر الاتحادية، تُشير إلى أنّ الحصول على القرض من عدمه لن يغيّر حقيقة أن الصندوق وقع ولم يصلِّ عليه أحد؛ فالأموال التي أقرضها لمصر في السنوات الست الماضية أصبحت بَح، وخطة الإصلاح المُتفق عليها مع الصندوق لم ينفّذ منها شيئاً، وهذا لا يدلّ على رفضنا الارتهان للجهات الخارجيّة فحسب، بل يوضح دهاء السيسي الذي استدرج الصندوق ليجد نفسه مضطراً للتفاوض مع الحكومة على على ديون جديدة لتسديد الديون في دائرة لا تنتهي من العَود الاقتصادي الأبدي، وبينما سيغرق الصندوق في مراجعات ونقاشات واستجداء لا طائل منه، ستجني الدولة المصرية عوائد تشغيل هذه الأموال وجمع المزيد منها في صندوق تحيا مصر الذي سيخلف صندوق النقد الدولي في التحكّم برقاب الأمم.

وتوضّح الوثائق أيضاً، كيف استغلّ فخامة الرئيس الدكر نقاط ضعف خفيّة في نهج صندوق النقد، حيث لعب على مشاعر أعضائه وباعهم أفكاراً جذابة من النّوع الذي يسيل له لعاب الصندوق عادة من قبيل زيادة زيادة تنافسية القطاع الخاص مثلاً والاقتصاد الذي يقوده القطاع الخاص، بينما في الواقع لم يرَ الصندوق ولا البنك ولا الشعب ولا قطط الشوارع سوى كباري وعاصمة إدارية خاوية شيّدتها شركات تملكها الدولة والجيش، أي أنّ الدولة كانت كالمنشار؛ ففرمت الصندوق ونفعّت شركاتها من قروضه، وامتنعت عن تنفيذ أي مشروع يسمح لجهات خارجية بالتدخل بقرارنا أو يجلب لها أي فائدة مالية ولا حتى يمكنها من استعادة أموالها.

يتقاطع هذا مع ما جاء في وثيقة أخرى، أشارت إلى إيعاز الرئيس الدكر للحكومة بأن تثقل الدولة بديون لا يمكن تحمّلها وتستهلك فوائدها كافّة إيرادات الدولة، بالتزامن مع استمرار عمليات الخصخصة على قدمٍ وساق وعين ورأس، بحيث لا يستطيع أي قرش أحمر التسلّل لإيرادات الدولة وتشكيل مصدر نقدي لسداد القروض.

كما بيّنت الوثائق أن تعويم الجنيه، لم يكن إلا فكرة السيسي نفسه، والتي أراد من خلالها إيهام الصندوق بأنه يملك اليد العليا ويملي شروطه. وبينما كان الصندوق يغط في العسل ويعتقد أنه قد نجح في الضغط على مصر العظيمة لبيع قطاعها العام، كان السيسي في واقع الأمر هو من أوعز للصندوق بالضغط عليه لبيع أصول الدولة، لغلق الأبواب  في وجه أي تدفقات نقدية لخزينة الدولة، بالتزامن مع اتساع دائرة الفقر والحاجة للمزيد من القروض لتحسين الظروف المعيشية، مما سيدفع الصندوق للاعتقاد أن "خطّته" تسببّت بتضاعف الأزمة الاقتصادية، فيشعر بتأنيب الضمير ويصرف المزيد من القروض والمنح التي لن نسدد أي منها بطبيعة الحال، وهكذا دواليك إلى أن يفلس الصندوق ويبدأ بالاستدانة وصولاً للارتهان لمخططات خارجية، لكن من هي الدولة التي ستقرضه؟

نعم، صحيح، تماماً، إنها مصر، مصر أم الدنيا مصر كيميت والأهرامات وخوفو وخفرع والسيسي ستكون الجهة الوحيدة التي ستشفق عليه وتقف معه بعدما عاث في الأمم فساداً، هي من ستقرضه ومن ستتحكم بمصير هذا الصندوق الصدئ المهترئ المفلس الحقير، وتنتقم لكل شعوب الأرض المستضعفة من سياساته الجائرة، وسيحلّ صندوق تحيا مصر الذي بدأ كصندوق للصدقات لا يخضع لأي رقابة ومحاسبة ولا يوجد من يتحكم في إيراداته ومصروفاته وموجوداته، ووضع فيه القرش على القرش والجنيه فوق الجنيه والتبرع فوق التبرع، والمنحة فوق الأخرى، إلى أن أصبح مؤهلاً ليحلّ مكان الصندوق الدولي، وسيصبح صندوقاً نباهي به الأمم.

كل كلام الدنيا لا يكفي لوصف دهاء هذا الرئيس العبقري، الذي وفوق كل هذا، نجح في بيع رأس الحكمة ومخافة الله للإمارات بـ ٣٥ مليار دولار، ليثبت فخامة نور عنينا أنه أفضل زعيم ريادي أعمال في العالم والذي استطاع انتشال بلد تافه صغير لا ماء فيه ولا معادن ولا أراضي زراعية ولا أيدي عاملة ولا خبراء ولا علماء ولا متعلمين ولا بشر ولا حجر ولا شجر ولا سياحة ولا موقع جغرافياً ولا أهلي ولا زمالك، انتشل كل هذا ووضعه في جيبه.

شعورك تجاه المقال؟